لمَ يهتمّ الخالق القدّوس أن يتواصل مع البشريّة؟
لو أراد الله أن نفهمه فمن المؤكّد أن يستخدم صوتا أو طريقة أو لغة نفهمها. من الصّعب علينا أحيانا استيعاب ذلك لأنّه يستوجب أن ينزل إلى مستوى تواصلنا المحدود حتّى نتمكّن من فهمه واتّباعه. ولكن هل يعني تنازل الله ونزوله لمستوى فهمنا المحدود تقليلا من قيمته؟
من المؤكّد أنّ خالق هذا الكون قدّوس وكامل القداسة. ومن المؤكّد أن ما يعلنه لنا هو مقدّس أيضا. يجب أن نتواضع لأنّه بهيبة يجب أن نبحث عن الله الذي صنعنا. ممكن أن تبدأ ذلك بأن تنفرد بنفسك في غرفتك وتصرخ إلى الله أن يعلن لك عن الحق وأن يفتح لك قلبك من أجل فهمه.
يبدأ الكتاب المقدّس بهذه الكلمات:
“فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، 2وَإِذْ كَانَتِ الأَرْضُ مُشَوَّشَةً وَمُقْفِرَةً وَتَكْتَنِفُ الظُّلْمَةُ وَجْهَ الْمِيَاهِ، وَإِذْ كَانَ رُوحُ اللهِ يُرَفْرِفُ عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ” تكوين 1: 1-2.
كلّ جملة في الكتاب المقدّس تعلن عن السرّ والقوّة الخالقة لروح الله.
أرسل الله بعد ذلك الأنبياء من أجل تبليغ مشيئته عن طريق روح الله. نقرأ هذه الكلمات في العهد الجديد:
“لَكِنْ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، اعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ نُبُوءَةٍ وَارِدَةٍ فِي الْكِتَابِ لاَ تُفَسَّرُ بِاجْتِهَادٍ خَاصٍّ. إِذْ لَمْ تَأْتِ نُبُوءَةٌ قَطُّ بِإِرَادَةٍ بَشَرِيَّةٍ، بَلْ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوآتِ جَمِيعاً رِجَالُ اللهِ [الْقِدِّيسُونَ] مَدْفُوعِينَ بِوَحْيِ الرُّوحِ الْقُدُسِ” 2 بطرس 1: 20 -21
يريد الله أن يستخدم الانسان في مختلف الأوقات والثقافات واللغات من أجل أن يبلّغنا الحق. من النّادر أن يسمع هؤلاء الأنبياء صوتا مسموعا من الله أو يحصل لهم حدث معحزيّ بل يتكلّم الروح القدس لهم حسب لغتهم الخاصّة وطريقة فهمهم وخلفيّتهم. لقد تواضع الله في تواصله مع الانسان واستخدم قنوات بشريّة من أجل إيصال رسالته ومشيئته الالهيّة. أحيانا يستخدم الله السرد التاريخي أو الأمثلة والأمثال وأحيانا تعاليمًا محدّدة أو تنبيهات أو حتّى الشعر. وفي أوقات أخرى يستخدم الله النبوّة أو الوعود عن الأشياء القادمة. ولكنّه وفي كلّ الحالات يبادر الله أن يسدّ الفجوة ما بين قداسته وبشريّتنا.
هل تؤمن أنّ الله يريد أن يتكلّم لنا؟ هل تسمع؟ كيف تبحث عن الحق وعن صوته؟
اقرأ
الجزء الثاني